الثلاثاء، 3 يونيو 2025

رفقة: المرأة التي اختفت قبل أن تُروى نهايتها



## **رفقة: المرأة التي اختفت قبل أن تُروى نهايتها**


### *دهاءٌ يقلب المصير... ثم صمتٌ مريب*


في سفر التكوين، تُطل علينا **رفقة** كإحدى أكثر الشخصيات النسائية تأثيرًا ودهاءً. ليست مجرد زوجة نبي، بل امرأة صاغت مجرى الأحداث الكبرى في بيت إبراهيم دون أن تكون نبية، ودون أن تكلّمها السماء سوى مرة واحدة.


هي العاقر التي بشّرتها النبوءة بأن في بطنها أمتين، وأن الصغير يتسلط على الكبير. ولم تنسَ. تربصت بالزمن، وحين جاء موعد البركة، أعدّت ليعقوب جلد المعز وثوب أخيه، ودفعته بنفسها إلى حضرة أبيه الشيخ إسحاق. صمت إسحاق، وكذب يعقوب، ومشت البركة على الساقين الخطأ… أو هكذا يبدو.


فما إن حدث ذلك، حتى **اختفت رفقة** من السرد. لم يُروَ عنها شيء بعد الحدث الأهم في حياتها – مؤامرتها الحاسمة لتغيير مصير الأمم. اختفى حضورها من بيت إسحاق، من حياة يعقوب، من الرواية كلّها. لا مشهد وداع ليعقوب، لا لقاء لاحق، لا خبر عن موتها أو موضع دفنها.


**اختفت المرأة التي حرّكت النبوة.**


وفي مفارقة لافتة، يذكر النص لاحقًا **وفاة "مرضعة رفقة"** – التي لم تكن طرفًا في أي حدث حاسم – ويُفرد لها التوراة اسمًا وموضع دفن (دبورة، مدفونة تحت بطم في بيت إيل). أما رفقة نفسها، **فلا يُذكر لها قبر، ولا وداع، ولا مرثية.**


أين هي رفقة؟

أهي منفية أدبيًا عقابًا على دهائها؟

أم أن السرد التوراتي قرر أن يتجاهل صانعة القرار بمجرد أن انتهت وظيفتها في قلب مصير البركة؟


رفقة ليست امرأة عادية في النصوص المقدسة. هي الشخصية النسائية الوحيدة التي:


* طلب الرب منها مباشرةً تفسير ما يجري في بطنها.

* قادت الخطة لتبديل بركة الأبناء دون استشارة إسحاق.

* سيطرت على القرار بجرأة لم تُعرف حتى عند سارة.


ومع ذلك، **تم طمس نهايتها.**


هل كان اختفاؤها **بناءً سرديًا مقصودًا؟** هل رأت التقاليد أن تأثير المرأة يجب أن ينتهي حيث يبدأ تنفيذ النبوة؟

أم أن غيابها يفضح ارتباك النص أمام قوة نسائية غيّرت مجرى التاريخ دون أن تنال موافقة علنية من الرب أو من الرجال؟


إن اختفاء رفقة الصارخ، بعد نشاطها المدهش، يجعلنا نتساءل:


> **من يكتب التاريخ؟ ومن يحق له الظهور في نهايته؟**


ربما تُترك الإجابة معلقة – تمامًا كذكرى رفقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم