# خطأ التوراة في سرد إنقاذ يوسف: رأوبين المنقذ الحقيقي وتفكك التسلسل الزمني ليهوذا
## مقدّمة
يُعَدُّ سفر التكوين مرجعًا مركزيًّا في اللاهوتين اليهودي والمسيحي. لكن القراءة الفاحصة لنصوصه تكشف عن ثغرات سردية وزمنية صارخة، يظهر أبرزها في قصّة بيع يوسف وقصّة يهوذا وثامار. تهدف هذه التدوينة إلى تفكيك خطأين جوهريين في السرد التوراتي:
1. **إسناد فضل إنقاذ يوسف ليهوذا** بينما النص يحدّد رأوبين بوضوح كمنقذ أوّل.
2. **استحالة التوافق الزمني** بين أحداث بيع يوسف وولادة أبناء يهوذا ثم قصّة ثامار.
## أولًا: من أنقذ يوسف حقًا؟
### 1. مبادرة رأوبين (البكر)
> “لا تسفكوا دمًا. اطرحوه في هذه البئر … لكي ينقذه من أيديهم ليردّه إلى أبيه.” (تك 37:21–22)
* رأوبين اقترح رمي يوسف حيًّا في البئر.
* الهدف المعلن: إنقاذه لاحقًا وإعادته إلى يعقوب.ولك
### 2. صفقة يهوذا التجارية
> “ما الفائدة أن نقتل أخانا … تعالوا نبيعه للإسماعيليين.” (تك 37:26–27)
* اقتراح يهوذا جاء **بعد مغادرة رأوبين** بقليل.
* الدافع: التخلّص من يوسف مع تحقيق مكسب مالي، لا رحمة.
* بيع يوسف تمّ خلسة، وعاد رأوبين ليجد البئر فارغة.
### 3. الخلاصة السردية
رأوبين هو المنقذ الحقيقي الذي أوقف القتل. أمّا يهوذا فحوّل مسار الجريمة من قتلٍ إلى بيعٍ ربحـيّ، مكرّسًا غياب يوسف سنوات طويلة.
## ثانيًا: التفكك الزمني في قصّة يهوذا وثامار
### 1. الحساب التوراتي للأعمار
| الحدث | عمر يعقوب | عمر يهوذا المفترض | الملاحظة |
| ------------------------- | --------- | ----------------- | ----------------------- |
| ولادة يهوذا | ≈ 84 | 0 | الرابع من ليئة |
| بيع يوسف (يوسف 17 سنة) | 91 | 23 | يهوذا يقترح البيع |
| ولادة أبناء يهوذا الثلاثة | — | 26–30 | عير، أونان، شيلة |
| زواج عير بثامار | — | ≥ 51 | يفترض بلوغ عير 25 سنة |
| موت أونان | — | ≥ 54 | بعد زواجه بثامار |
| حمل ثامار من يهوذا | — | ≥ 57 | بعد طول انتظار |
| نزول يعقوب إلى مصر | 130 | **45** | يهوذا أصغر بـ 6 من يوسف |
### 2. الاستحالة الزمنية
الجدول يبيّن أن سرد التوراة يتطلّب أكثر من **20 سنة** بين بيع يوسف وحمل ثامار، بينما المدة الحقيقية بين الحدثين هي **أقل من 22 سنة إجمالًا**، يستحيل خلالها إنضاج كل هذه الوقائع.
## ثالثًا: الدلالات اللاهوتية والاجتماعية
1. **كسر قدسية السرد**: تراكب الخطأ الزمني مع المغالطة في هوية المُنقِذ يطعن في دقّة الرواية.
2. **تسييس السبط المختار**: تهميش رأوبين (البكر) وتلميع يهوذا يمهّد لاصطفاء سبط يهوذا ملكيًّا ومسيانيًّا.
3. **إعادة توزيع البطولة**: إنقاذ يوسف الحقيقي يُنسب إلى رأوبين صاحب الضمير، بينما يظل يهوذا رمز البراغماتية والخطيئة التي تتحوّل لاحقًا إلى سلالة الملك.
⚖️ 1. فرضية «عير» في سن 15 سنة ومات لأنه شرير
-
تكوين 38:7 يقول:
"وكان عير بكر يهوذا شريرًا في عيني الرب، فأماته الرب."
لو كان عير فتى في 15 عامًا، فكيف يُعتبر شريرًا بدرجة تستوجب موتًا إلهيًا مباشرًا؟
🛑 هذا يُثير تساؤلًا أخلاقيًا:
-
هل يُعقل أن يُحاسَب طفل أو مراهق بهذا الشكل؟
-
كيف تتكوّن "الشرور" العميقة في فتى في أول سن البلوغ؟
✍️ هذا يُضعف تمامًا فرضية زواج الفتى في سن مبكر كهذا، ويجعل عقوبة الموت غير متسقة مع عمره إن كان صغيرًا.
كما تكشف عبارة “ورأت أن شيلة قد كبر” (تك 38:14) عن مرور سنوات طويلة منذ وعد يهوذا لثامار، ما يعني أن شيلة كان طفلًا صغيرًا وقت وفاة أونان، وكبر حتى بلغ سن الزواج، دون أن يُعطى لها. هذه الإشارة الزمنية تزيد من تعقيد التسلسل الزمني، وتؤكد استحالة وقوع كل هذه الأحداث في الفترة القصيرة بين بيع يوسف ولقائه بإخوته في مصر.
🧠 2. أونان: هل مراهق غيور أم رجل راشد مدرك؟
-
تكوين 38:9–10 يقول إن أونان كان يعلم أن النسل لا يكون له،
"فكان إذا دخل على امرأة أخيه أنه أفسد على الأرض لكي لا يعطي نسلًا لأخيه. فقُبُح في عيني الرب ما فعله، فأماته أيضًا."
هذا الفعل فيه:
-
حساب مقصود ومسبق.
-
تكرار الفعل بشكل مستمر.
-
دافع نفسي معقّد (وراثي ومالي).
🔍 هل شاب بعمر 15 يمكنه أن يحمل هذه الحمولة النفسية المعقدة، ويتصرّف بهذه الازدواجية الجنسية – يجامع ثم يفسد – مرارًا؟
✖️ صعب جدًا.
🔎 إذًا النتيجة:
❌ فرضية زواجهم في سن 15 قد تحل المشكلة الزمنية
✅ لكنها تُحدث ثغرات سلوكية ونفسية وأخلاقية أكبر:
-
موت طفل بسبب «الشر» فيه غير متسق مع عدالة الله في الرواية.
-
سلوك أونان يدل على وعي أخلاقي ومؤامراتي لا يوجد عادة في سن المراهقة المبكرة.
📌 الاستنتاج النهائي:
السرد التوراتي متضارب زمنيًا إذا أُخذ حرفيًا، ومضطرب نفسيًا إذا حاولنا ترقيعه بتصغير أعمار الشخصيات.
مما يقوّي فرضية أن قصة يهوذا وثامار أُدرجت لاحقًا في موقع غير مناسب زمنيًا، أو أنها حكاية رمزية تخدم هدفًا سياسيًا ولاهوتيًا (إعطاء سلالة يهوذا شرعية ملكية ومسيانية).
## خاتمة
يظهر خطأ التوراة جليًّا في نقطتين مترابطتين: مغالطة الإسناد البطولي ليهوذا، وفوضى التسلسل الزمني لحياته. هذه الثغرات تدعو القارئ إلى مراجعة نقدية للسرد التوراتي واستكشاف البعد الأدبي والسياسي الذي صاغ هذه القصص، أكثر من اعتمادها توثيقًا تاريخيًّا حرفيًّا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بكم