الخميس، 19 يونيو 2025

أصنام رمزية في التوراة: حين يصبح الاختيار الإلهي غطاءً لا قدَرًا

أصنام رمزية في التوراة: حين يصبح الاختيار الإلهي غطاءً لا قدَرًا


في قلب السرد التوراتي، تتكرر مفاهيم يُفترض أنها روحية، لكنها تُستَخدم لتثبيت نفوذ أو تبرير ظلم أو تكريس امتياز:


* **الاختيار الإلهي**

* **البكورية**

* **البركة**

* **المذبح**


ومع تكرارها بهذه الصيغة، تتحول إلى ما يشبه **الأصنام الرمزية**: مفاهيم مقدسة ظاهرًا، لكنها فارغة المعنى حين تُفصَل عن العدل.


## 1️⃣ الاختيار الإلهي: غطاء للتفضيل لا معيار للتقوى


تُبرر التوراة كثيرًا من الأحداث بالقول إن فلانًا "مختار من الله"، لكننا نرى:


* إسماعيل يُقصى رغم أنه البكر.

* عيسو يُرفض لصالح يعقوب.

* يوسف يُقدَّم على جميع إخوته.

* فارص يُفضل على زارح رغم خروجه ثانيًا.


> في كل مرة، يُستخدم "الاختيار الإلهي" كذريعة لتجاوز قواعد الأسرة والعدالة.


بل ويظهر أحيانًا أن الله نفسه يُقدم على تصرفات منحازة، دون تفسير واضح، وكأنما الحكاية تُفصل لتخدم سلالة معينة.


## 2️⃣ البكورية: شرف لا يدوم


كان من المفترض أن يحمل البكر النسب والبركة، لكن في النص التوراتي:


* يُقصى البكر بسهولة (رأوبين، إسماعيل).

* يُفضل الأصغر بشكل دائم تقريبًا.

* ولا توجد قاعدة واضحة إلا "من يريده النص يفوز".


> البكورية تتحول إلى فخ درامي أكثر من كونها قاعدة شرعية.


## 3️⃣ البركة: تعويذة لا أخلاقية


في قصة يعقوب، نرى البركة تُسرق بالخداع:


* يعقوب ينتحل شخصية عيسو.

* يخدع أباه الشيخ الكفيف.

* يحصل على بركة لا يفترض أنها له.


لكن الغريب:


* أن إسحاق يُقر البركة بعد اكتشاف الخداع!

* ولا يحاول تصحيحها.


> وكأن البركة تحوّلت إلى تعويذة سحرية لا يمكن استرجاعها.


## 4️⃣ المذبح: من التعبد إلى تثبيت الملكية


المذبح في العهد القديم يُبنى أينما حل أحد الآباء:


* نوح، إبراهيم، يعقوب، موسى...


لكن الهدف أحيانًا يبدو سياسيًا:


* بناء مذبح = إعلان ملكية أرض.

* نذر أمام الله = تثبيت حضور رمزي.


> المذبح لا يُستخدم فقط للعبادة، بل كأداة لتوثيق السلطة.


## ✋ خلاصة: تقديس بلا أخلاق


حين تتحول هذه المفاهيم إلى أدوات:


* **الاختيار الإلهي** يبرر الإقصاء.

* **البكورية** تُمزق العائلة.

* **البركة** تُمنح بالحيلة.

* **المذبح** يبرر الاحتلال.


فإننا لا نكون أمام وحي، بل أمام سرد يُطوّع الدين لخدمة من كتبوه.


> الله في التوراة يُصبح إلهًا لقبيلة، لا إلهًا للعدل.


وهكذا، تُحرف المفاهيم العظيمة عن معناها، وتتحول إلى "أصنام رمزية" تُعبد باسم الله، بينما تُستخدم لتقديس السلطة والتمييز.


---


✍️ مدونة محمد عيسى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم