متى وقف يوسف أمام فرعون؟ رحلة عبر الزمن من الطوفان إلى القصر المصري
في محاولتنا لفهم الزمن الحقيقي الذي وقف فيه يوسف أمام فرعون، نجد أنفسنا بين طريقتين للتأريخ: واحدة تبدأ من **الطوفان**، وأخرى من **حدث الخروج من مصر**. وبين هذا وذاك، يُطرح سؤال لاهوتي وتاريخي: من هو الفرعون الذي استقبل يوسف؟
## 1. التأريخ من لحظة الخروج
وفق التقليد اليهودي وبعض الباحثين المحافظين:
* حدث **الخروج من مصر** حوالي **1446 ق.م** (رأي محافظ)، أو **1260 ق.م** (رأي نقدي حديث).
* وبحسب سفر الخروج (12: 40)، أقام بنو إسرائيل في مصر **430 عامًا**.
إذًا:
* إذا كان الخروج في 1446 ق.م ⇒ دخول يوسف مصر = 1446 + 430 = **1876 ق.م**
* إذا كان في 1260 ق.م ⇒ دخول يوسف مصر = 1260 + 430 = **1690 ق.م**
ويوسف وقف أمام فرعون في سن 30، أي بعد سنوات قليلة من قدومه.
> إذًا: **يوسف وقف أمام فرعون ما بين 1870 إلى 1660 ق.م** تقريبًا.
## 2. التأريخ من لحظة الطوفان
بحسب التسلسل الزمني في سفر التكوين:
* حدث **الطوفان** في السنة 1656 من خلق آدم.
* من الطوفان إلى ولادة إبراهيم: حوالي **292 سنة**.
* من ولادة إبراهيم إلى وقوف يوسف أمام فرعون: **281 سنة**.
> المجموع = 292 + 281 = **573 سنة** من الطوفان إلى يوسف أمام فرعون.
لو افترضنا أن الطوفان حصل حوالي **2300 ق.م** (حسب تقديرات يهودية تقليدية):
* 2300 - 573 = **1727 ق.م**
> إذًا: **يوسف وقف أمام فرعون حوالي 1727 ق.م** بحسب تسلسل الطوفان.
## 3. من هو فرعون يوسف؟
لا يذكر النص التوراتي اسم الفرعون الذي خدم يوسف تحت سلطته، لكن بعض الباحثين قدموا احتمالات:
### أ. الرأي الأول: يوسف خدم تحت حكم الهكسوس
* الهكسوس كانوا حكامًا من غرب آسيا (مثل يوسف!)، حكموا شمال مصر لفترة.
* هذا يتماشى مع:
* ترقية يوسف بسرعة دون حساسية عرقية.
* كون يوسف "عبرانيًا" لم يُعامل كغريب.
* حكم الهكسوس كان تقريبًا بين **1650 – 1550 ق.م**.
### ب. الرأي الثاني: يوسف خدم في الأسرة الثانية عشرة (الدولة الوسطى)
* خاصة في عهد الفرعون **أمنمحات الثالث** (حوالي 1842–1797 ق.م)
* معروف بإنجازاته في تنظيم الخزانة والسدود وتخزين الغذاء.
* يتماشى مع قصة التخزين في سنين الجوع.
## خلاصة:
سواء بدأنا الحساب من الخروج أو من الطوفان، فإن يوسف وقف أمام فرعون **ما بين 1870 و1650 ق.م**.
ومع أن التوراة لم تذكر اسم الفرعون، فإن المرجّح إما:
* أحد ملوك **الهكسوس** إذا أخذنا التاريخ المتأخر (1650 ق.م)، أو
* الملك **أمنمحات الثالث** إذا تبنينا التاريخ الأبكر (1870 ق.م).
قصة يوسف ليست فقط دراما دينية، بل بوابة للبحث التاريخي، حيث تلتقي الرمزية الدينية مع الأدلة الزمنية، وتثير تساؤلات حول كيف يُكتب التاريخ ومن يرويه.
---
✍️ مدونة محمد عيسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بكم