## **الحلقة الثامنة: خلق آدم وحواء – صورتان متباعدتان**
### **الافتتاحية:**
في هذه الحلقة، ننتقل من سرد عام عن "خلق الإنسان" في اليوم السادس، إلى رواية أكثر تفصيلًا وشخصية، حيث يبدأ الإصحاح الثاني من سفر التكوين بسرد قصة **خلق آدم وحواء**.
لكن مع هذا الانتقال، تظهر أمامنا **روايتان مختلفتان داخل التوراة نفسها**، من حيث الترتيب والمنطق والتفاصيل، مما يفتح الباب أمام تساؤلات:
* هل خُلق آدم قبل الحيوانات، أم بعدها؟
* من أين جاءت المرأة؟ وهل كانت مساوية للرجل أم تابعة له؟
* كيف تعامل القرآن مع هذا المشهد؟ وهل قدّم الأناجيل شيئًا عن أصل الإنسان؟
---
### **أولًا: رواية التوراة – سفر التكوين (الإصحاح الثاني 4-25)**
> "هذه مبادئ السماوات والأرض حين خُلقت، يوم عمل الرب الإله الأرض والسماوات. كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض، وكل عشب البرية لم ينبت بعد، لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان إنسان ليعمل الأرض...
> وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفسًا حيّة...
> وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقًا، ووضع هناك آدم الذي جبله...
> وأخرج الرب الإله من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل...
> وأنبت الرب الإله من الأرض كل حيوان البرية وكل طير السماء، فأحضرها إلى آدم ليرى ماذا يدعوها...
> أما لنفسه، فلم يجد معينًا نظيره.
> فأوقع الرب الإله سباتًا على آدم، فنام، فأخذ واحدة من أضلاعه وملأ مكانها لحمًا. وبنى الرب الإله الضلع التي أخذها من آدم امرأة وأحضرها إلى آدم."
---
### **ثانيًا: مفارقات داخل النص التوراتي نفسه:**
في الإصحاح الأول: خلق الإنسان – ذكرًا وأنثى – في نفس اللحظة.
في الإصحاح الثاني: آدم خُلق أولًا، ثم الحيوانات، ثم حواء من ضلعه.
ولكن في الإصحاح الأول توجد مفارقه حيث ذكر ما يلى : خُلقت الكائنات أولًا، ثم الإنسان.
❗هذا التباين دفع بعض الباحثين للاعتقاد بوجود **مصدرين مختلفين** للسرد، دُمجا لاحقًا في نص واحد، وهما ما يُعرفان في الدراسات التوراتية بـ:
* المصدر الكهنوتي
* المصدر اليهوي
---
### **ثالثًا: المرأة في النص التوراتي: تبعية أم تكامل؟**
* حواء خُلقت من ضلع آدم، **بعد أن لم يجد "معينًا نظيره" بين الحيوانات.**
* النص يوضح تبعيتها: "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي".
✳️ التأخر في خلقها، وكونها خُلقت من جسد آدم، ولأجله، يعطي انطباعًا بأن **مكانتها دونية**، أو أنها مخلوقة لـ"خدمة" آدم.
🔍 وقد انعكس هذا لاحقًا في تفسيرات دينية واجتماعية عدة، داخل التقاليد اليهودية والمسيحية، من حيث المكانة والتكليف.
---
### **رابعًا: رواية القرآن – لا تناقض ولا دونية:**
القرآن لا يسرد قصة خلق المرأة بالتفصيل، ولا يذكر أن حواء خُلقت من ضلع آدم ولا يذكر أسمها ايضا. بل نجد:
> "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ، وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا..." \[النساء: 1]
🔸 "منها" قد تفهم على أنها من "جنسها" أو "من طينتها"، لا بالضرورة من ضلعها.
وفي موضع آخر:
> "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا..." \[النحل: 72]
☑️ لا ذكر لتأخر خلق المرأة، ولا تقديم للرجل عليها، ولا مقولات عن التبعية أو النقص.
---
ولكن الجمع هنا يستحق التفكير
### **خامسًا: آدم في القرآن – الكرامة والاختبار:**
* خلق الله آدم من طين: "خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ..." \[آل عمران: 59]
علي مراحل
ثم علّمه الأسماء: "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا..." \[البقرة: 31]
* ثم أمر الملائكة بالسجود له حتي قبل أن يسوي آدم رغم تسأولهم بحجة الأفساد وبحجة أنهم يسبحون ويقدسون
* وسكن الجنة
**لكن: لا تفصيل لزمن خلق حواء، ولا طريقة خلقها، ولا إشارات لكونها أدنى منزلة.**
ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها.. سورة النساء آيه 1
---
### **سادسًا: الأناجيل – لا وجود لرواية الخلق:**
* لا تتحدث الأناجيل عن قصة خلق آدم وحواء.
* يتم ذكر آدم فقط في **سلسلة النسب** في لوقا 3:38:
> "ابن أنوش، ابن شيت، ابن آدم، ابن الله."
* يسوع يشير إلى الزواج قائلًا:
> "من البدء خلقهما ذكرًا وأنثى." (مرقس 10:6)
لكن بدون سرد تفصيلي ولا ذكر لحواء أو ترتيب خلق.
لكن رسائل بولس الرسول، خاصة في العهد الجديد، تُشير بوضوح إلى أن حواء هي سبب السقوط، وتضع عليها مسؤولية مباشرة.
"فَإِنَّ آدَمَ لَمْ يُغْوَ، لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي."
(رسالة تيموثاوس الأولى 2: 14)
النص الذي قبله مباشرة (2:12-13) يُستخدم أيضًا لتبرير عدم السماح للمرأة بالتعليم أو القيادة:
"وَلَكِنْ لَسْتُ آذَنُ لِلمَرْأَةِ أَنْ تُعَلِّمَ، وَلاَ أَنْ تَتَسَلَّطَ عَلَى الرَّجُلِ، بَلْ تَكُونَ فِي سُكُوتٍ. لأَنَّ آدَمَ جُبِلَ أَوَّلًا ثُمَّ حَوَّاءُ."
↝ فالمسؤولية عن السقوط استُخدمت كسببٍ لفرض الصمت والطاعة على المرأة في الكنيسة.
---
### **سابعًا: تساؤلات نقدية – بعيدًا عن التفسير اللاهوتي:**
1. إذا كان الإصحاح الثاني يقدّم رواية مستقلة، لماذا لم تُوضع على حدة؟
2. هل وجود روايتين مختلفتين يدل على **تعدد المصادر** أم على **مستويات رمزية** مختلفة؟
3. لماذا يتم اختزال المرأة في تبعية للرجل؟ وهل لذلك تأثير على التقاليد الدينية والاجتماعية؟
4. في المقابل، لماذا اختار القرآن **التركيز على الوظيفة والأصل الواحد** بدلًا من تفصيل ترتيب الخلق؟
---
### **الخاتمة:**
نصوص التكوين تُقدم روايتين عن خلق الإنسان، تختلفان في الترتيب والمضمون، وتظهر فيهما إشارات إلى تفوّق الذكر على الأنثى.
أما القرآن، فيُجمل القصة دون تناقض، ويركّز على وحدة الأصل، وكرامة الإنسان، دون تمييز في الخلق بين الرجل والمرأة.
✳️ نحن هنا لا نُصدر أحكامًا، بل نضع النصوص تحت المجهر... ونترك للعقل حرية التأمل.
---
## 📖 **English Translation – Episode 8**
**Episode 8: The Creation of Adam and Eve – Two Divergent Narratives**
**Introduction:**
Here, the story moves from the general creation of humanity on the sixth day to a more personal account: the creation of Adam and Eve. Yet, within Genesis itself, two different narratives appear, raising questions: Was Adam created before the animals or after? From where did woman come? Equal partner or dependent follower? How does the Qur’an approach this? Do the Gospels mention human origins?
**Genesis Narrative (Gen. 2:4–25):**
Adam is formed from dust, placed in the Garden, and given life. Animals and birds are created afterward, brought to him for naming, but no partner is found. God puts Adam into a deep sleep, takes one of his ribs, and creates the woman.
**Contradictions in Genesis:**
* Chapter 1: Man and woman created together.
* Chapter 2: Adam, then animals, then Eve.
Scholars see signs of two sources: the Priestly and the Yahwist traditions.
**The Woman in Genesis:**
Eve is created after Adam, from his body, “bone of my bones.” This suggests subordination rather than equality, a view echoed in later Jewish and Christian traditions.
**The Qur’an:**
No rib story, no delay, no inferiority. “He created you from a single soul, and from it created its mate” (Q. 4:1). The text emphasizes unity of origin, dignity, and partnership, not hierarchy.
**Adam in the Qur’an:**
Made from clay, taught the names, honored by the angels, placed in the Garden. The focus is on his trial and human responsibility, not on the sequence of creating Eve.
**The Gospels:**
They contain no creation narrative. Adam appears only in Luke’s genealogy. Jesus refers to marriage: “From the beginning He made them male and female” (Mark 10:6). Paul, however, stresses Eve’s role in the Fall (1 Tim. 2:12–14), used historically to justify silence and subordination of women in the Church.
**Critical Questions:**
* Why preserve two contradictory stories in Genesis?
* Are they signs of multiple sources, or symbolic layers?
* Why reduce woman to dependency?
* Why did the Qur’an emphasize unity instead?
**Conclusion:**
Genesis offers two diverging accounts, carrying notions of male superiority. The Qur’an presents a consistent account, highlighting unity, dignity, and shared origin. Our aim is not judgment, but to place texts under the microscope… leaving the mind free to reflect.
---
## 📖 **תרגום לעברית – פרק 8**
**פרק 8: בריאת אדם וחוה – שתי גרסאות מנוגדות**
**פתיחה:**
המעבר הוא מסיפור כללי של בריאת האדם ביום השישי, אל תיאור אישי יותר – בריאת אדם וחוה. בתוך ספר בראשית עצמו מופיעות שתי גרסאות שונות: האם האדם נברא לפני החיות או אחריהן? מה מקור האישה – שווה או כפופה? איך מציג זאת הקוראן? ומה לגבי הברית החדשה?
**סיפור בראשית (בראשית ב’:4–25):**
אדם נוצר מעפר, הושם בגן עדן וקיבל נשמת חיים. אחר כך נבראו בעלי־החיים והעופות, אך לא נמצאה לו עזר. אלוהים הרדים את האדם, לקח מצלעותיו, ובנה אישה.
**סתירות בבראשית:**
* בפרק א’: אדם ואישה נבראו יחד.
* בפרק ב’: אדם, אחר כך חיות, ולבסוף אישה.
חוקרים רואים כאן שילוב של שני מקורות – כהני ויהוויסטי.
**האישה בטקסט המקראי:**
חוה נבראת אחרי אדם, מתוך גופו, “עצם מעצמי ובשר מבשרי.” זה מבליט כפיפות ולא שוויון – פרשנות שנמשכה במסורות יהודיות ונוצריות.
**הקוראן:**
אין סיפור על צלע, אין דחייה בזמן, אין נחיתות. “הוא ברא אתכם מנפש אחת, וממנה ברא את זוגה” (סורת א־נשים 4:1). הדגש הוא על מוצא אחד, כבוד ושיתוף, לא היררכיה.
**אדם בקוראן:**
נברא מטין, נלמד שמות, קיבל כבוד מהמלאכים והושם בגן. הדגש הוא על הניסיון והאחריות האנושית, לא על סדר יצירת האישה.
**הברית החדשה:**
אין בה סיפור בריאה. אדם נזכר רק בייחוס בלוקס ג’:38. ישוע מצטט: “מן הראשית זכר ונקבה בראם” (מרקוס י’:6). אולם פאולוס מטעים שחוה היא שנפתתה (תימוטיאוס א’ ב’:12–14), דבר שהצדיק היסטורית את השתקת האישה בכנסייה.
**שאלות ביקורתיות:**
* מדוע לשלב שתי גרסאות סותרות?
* האם מדובר בריבוי מקורות או ברבדים סמליים?
* למה לצמצם את האישה לתלות?
* ולמה בחר הקוראן להדגיש אחדות במקום היררכיה?
**סיכום:**
בראשית מציג שתי גרסאות מנוגדות, עם רמזים לעליונות הגבר. הקוראן מציג גרסה עקבית, המדגישה אחדות וכבוד משותף. איננו פוסקים – אלא שמים את הטקסטים תחת זכוכית מגדלת, ומשאירים למחשבה החופשית מקום להעמיק.
---







