الخميس، 19 يونيو 2025

هل كان يعقوب شابًا في السبعين؟ قراءة نقدية لعمر الهارب والمصارع

 

هل كان يعقوب شابًا في السبعين؟ قراءة نقدية لعمر الهارب والمصارع


في سفر التكوين، نجد قصصًا مدهشة عن يعقوب: هروبه من عيسو، زواجه من راحيل، صراعه مع الملاك، إنجابه ليوسف، ثم نزوله إلى مصر. وكلها أحداث درامية مشحونة بالعاطفة والحركة.


لكن، عند محاولة ترتيب هذه الأحداث زمنيًا، نصطدم بتفاصيل رقمية يصعب تصديقها، خاصة إذا قرأنا النص كحكاية واقعية.


## التسلسل الزمني الرسمي


* إسحاق كان في سن **60** عندما وُلد يعقوب وعيسو. (تكوين 25: 26)

* يوسف كان في سن **30** عندما وقف أمام فرعون. (تكوين 41: 46)

* يوسف كان في سن **39 تقريبًا** عندما دخل يعقوب مصر.

* يعقوب نفسه قال إنه كان في سن **130** عند دخوله مصر. (تكوين 47: 9)


إذًا: 130 (سن يعقوب) - 39 (سن يوسف) = **يعقوب كان عمره 91** عند ولادة يوسف.


نعلم أيضًا أن يوسف وُلد بعد زواج يعقوب براحيل، والذي تم بعد **14 سنة** من خدمة يعقوب للابان.


> إذًا: يعقوب تزوج في سن **77** تقريبًا.


وإذا حسبنا أن هروبه من بيت أبيه سبق زواجه بـ14 عامًا، يكون عمره عند الهروب حوالي **63 إلى 71 سنة**.


## التناقض الظاهر


هنا تبدأ الإشكالات:


* هل من المنطقي أن يظهر يعقوب في مشهد الهروب كشاب هارب من بطش أخيه، وهو في السبعين؟

* هل من المعقول أن يعمل 14 سنة ثم 6 سنوات إضافية وهو فوق الثمانين؟

* هل يُصدق أن يدخل في صراع جسدي مع كائن خارق (ملاك أو الله حسب الروايات)، ويُضرب في وركه، ويُصبح يعرج، وهو في **التسعين تقريبًا**؟


## بين الرمزية والمبالغة


من الواضح أن النص التوراتي لم يكن معنيًا كثيرًا بمصداقية الأعمار الحرفية بقدر ما كان يحرص على **سلاسة النسب وزمنية النبوات**.


قد يكون الهدف هو:


* إظهار أن يوسف وُلِد في وقت متأخر جدًا، كإبن المحبة المختارة.

* أو ربط الأحداث بشكل عددي لإثبات قدسية النسب من إبراهيم إلى يوسف.


لكن النتيجة كانت مفارقات يصعب تصديقها:


* يعقوب الشاب في السبعين.

* يعقوب العامل حتى التسعين.

* يعقوب المصارع وهو طاعن في السن.


## خلاصة


عندما تقرأ قصص التوراة بتدقيق عددي، تكتشف أن كثيرًا من المشاهد تُصبح غير منطقية إذا طُبّقت عليها الحسابات.


وهنا نتساءل:


> هل كانت الأعمار رمزية؟ أم أن السرد التاريخي تم تحريره لاحقًا ليتناسب مع لاهوت النسب والاختيار؟


تدوينة اليوم لا تطعن في جوهر القصة، بل تُظهر أن النص ليس بريئًا عدديًا كما يبدو، وأن وراء كل رقم حكاية أخرى.


---


✍️ مدونة محمد عيسى


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم