الخميس، 29 مايو 2025

أسماعيل وأسحاق والأبن الوحيد وهل طلب الله من أبراهيم ذبح أبنه؟

 عنوان: بين التوراة والقرآن: هل طلب الله من إبراهيم ذبح ابنه؟



في محاولة لتتبع مشهد الذبح في الكتاب المقدس (سفر التكوين 22)، يتضح أن النص التوراتي يغلب عليه الطابع الرمزي، لكنه أيضًا غامض من حيث الألفاظ والمقاصد، بينما يعرض القرآن الكريم نفس الحدث بمستوى أعلى من الوضوح والتركيز على الرحمة الإلهية.


## أولاً: المشهد في التوراة - تكوين 15 و22


**في تكوين 15**:


* يُطلب من إبراهيم أن يُحضِر مجموعة من الحيوانات (عجلة، عنزة، كبش، يمامة، حمامة).

* يتم شق الحيوانات إلى نصفين، وتُرتب مقابل بعضها البعض.

* تهبط الجوارح (الطيور الجارحة) على الجثث، فيزجرها إبراهيم.

* ثم يظهر "مصباح نار وفرن دخان" يمر بين الشقوق.


**الرمزية**:


* الطقس يُعبّر عن "عهد دموي" حيث يلتزم الطرف الأقوى (الله) بالوفاء بالعهد دون شرط على إبراهيم.

* الجوارح ترمز إلى قوى الخراب، ومقاومة إبراهيم لها تُظهر استعداده لحماية هذا العهد.


**في تكوين 22**:


* يُطلب من إبراهيم تقديم "ابنه الوحيد الذي يحبّه، إسحاق" كمحرقة.

* إبراهيم لا يناقش، بل يذهب وينصب المذبح ويُوثق ابنه.

* قبل التنفيذ، يتدخل ملاك الرب ويمنعه، ويوفَّر كبش للفداء.


**إشكالات في النص التوراتي**:


1. يُوصف إسحاق بأنه الابن الوحيد رغم وجود إسماعيل قبله.

2. النص لا يذكر صراحة طلب "ذبح" أو "حرق" الابن، بل تقديمه كمحرقة، مما يثير تساؤلات حول معنى الفعل المطلوب.

3. العبارة: "الله يرى له الخروف" هل هي كذبة لطمأنة إسحاق؟ أم ثقة في تدخل إلهي كما في تكوين 15؟


## ثانيًا: المشهد في القرآن الكريم


**سورة الصافات، الآيات 100-111**:


* يرى إبراهيم في المنام أنه يذبح ابنه، فيعرض الرؤية على ابنه: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ}.

* يوافق الابن طاعةً لله: {يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ}.

* عند التنفيذ، يتدخل الله ويُنادي: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ}.

* ويُفتدى الابن بذبحٍ عظيم.


**الوضوح في القرآن**:


* الحدث نُقل بصفاء: الحلم، الاستشارة، الاستجابة، التدخل الإلهي.

* لا غموض في من هو الابن.

* لا طقس دموي، ولا حيرة في نية الله.

* الخاتمة رحيمة: فداء، وبركة، ومدح لإبراهيم وابنه.


## الفرق الجوهري


| الوجه         | التوراة                               | القرآن                           |

| ------------- | ------------------------------------- | -------------------------------- |

| هوية الابن    | إسحاق (مع غموض في "وحيدك")            | لم يُسمّ، لكن المرجح إسماعيل     |

| صيغة الطلب    | غير مباشرة (قدم ابنك كمحرقة)          | رؤية في المنام، بأمر واضح        |

| استجابة الابن | صامت، غير مذكورة                      | مشاركة وطاعة واعية               |

| النهاية       | ملاك يمنع، وكبش يُقدم                 | الله يُنقذ، وذبح عظيم يُفدى به   |

| الرسالة       | اختبار إيمان مُبهم ومشحون برموز دموية | اختبار إيمان واضح يبرز رحمة الله |


## خاتمة:


تُظهر التوراة مشهدًا مملوءًا بالغموض والرمزية والطقوس الدموية، بينما يُبرز القرآن الكريم ذات الحدث في إطار من **الوضوح، والرحمة الإلهية، والتفاعل الإنساني الصادق بين الأب والابن**.


وبينما تخاطب التوراة عقلًا رمزيًا طقسيًا، يخاطب القرآن القلب والفطرة، ويُجسّد رسالة التوحيد والثقة بالله بعيدًا عن التشويش.


> **رحمة الله كانت أوسع من أن تسمح بفقد الابن، وكانت أعظم من أن تترك إبراهيم في امتحان دون فداء.**


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم