البركة التي تُمنح بالخداع: يعقوب وعيسو.. ظلم متوارث باسم البركة
يعقوب وعيسو توأم اسحاق بن ابراهيم
انجبهما من زوجته رفقة وكان عمره 60 عام ت 25
في **سفر التكوين الإصحاح 27**، نقرأ القصة الشهيرة التي يتم فيها خداع إسحاق العجوز، من قبل زوجته **رفقة** وابنه **يعقوب**، للحصول على البركة المخصصة للبكر **عيسو**. الخدعة كانت متقنة: التنكر، الطعام، اللمس، الكلمات. وفي لحظة واحدة، نطق إسحاق بالكلمات التي لم تكن مجرد دعاء، بل **نقلًا للبركة الإلهية** بحسب المنظور التوراتي، ولم يكن قادرًا بعد ذلك على التراجع.
> **"قد أكل وأخذ البركة، وبقي مباركًا!"** (تكوين 27:33)
هنا تُطرح **إشكالية أخلاقية ودينية كبرى**:
**هل البركة تُمنح مرة واحدة وتُصبح نهائية، حتى لو حصلت عن طريق الخداع؟**
حسب التوراة، **نعم**. الكلمة المنطوقة، وخاصة من الأب، كانت فعالة ونهائية، والبركة تحولت إلى **أمر واقع لا رجعة فيه**.
الأم، **رفقة**، تلعب دورًا محوريًا في زرع الكراهية بين الابنين. مثلما فعلت **سارة** من قبل عندما دفعت إبراهيم لطرد هاجر وابنها إسماعيل، نراها الآن **توجه يعقوب لخداع أخيه البكر**. لم يكن الأمر مجرد تفضيل بسيط، بل **ترتيب واعٍ لإقصاء الآخر**، في نمط يتكرر:
* إسماعيل يُقصى لصالح إسحاق
* عيسو يُقصى لصالح يعقوب
* الأمهات تسهم في صنع الانقسام
* والآباء يُباركون الخديعة بصمت أو سذاجة
هذه "البركة" التي نالتها الأجيال بـ"التحايل"، **فتحت الباب لظلم روحي وأخلاقي** باسم الاصطفاء الإلهي، وأورثت كراهية ممتدة بين الإخوة، وربما بين أمم أيضًا، إن صح أن يُحمَّل النص هذا البعد الرمزي الكبير.
أما في القرآن، فنجد الأمر مختلفًا تمامًا:
* **النبوة والبركة لا تُمنح عبر الحيلة**، بل **بوحي مباشر من الله**
* **إبراهيم لا يُصوَّر كمُقصٍّ لابنه إسماعيل**، بل يأتيه **البشرى بولدين مباركين**
* ولا نجد أن أحد الأنبياء يحصل على فضل إلهي بناءً على **كذب أو تنكر**
وهنا يمكن أن نقول إن القرآن أعاد رسم الصورة الأخلاقية للإيمان والاصطفاء، فجعلها **مبنية على العدل، وليس على التفضيل القَبَلي أو المكيدة**.
❖ **اعتراضي الجوهري** – كمتأمل في نصوص التوراة – هو أن البركة في هذه الروايات **لا تبرر الظلم**، بل تكرسه، وتُسند لمن تحايل أو كذب أو استغل ضعف أخيه. وهذا يضرب جوهر المفهوم الإيماني للبركة، ويحوله إلى مكافأة على **الخداع لا على الاستحقاق**.
---
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بكم