اسحاق
تبعا للتوراه
هذه ذريته
### إسحاق: الابن الموعود بين البركة والمأساة الأسرية
وُلد إسحاق لإبراهيم وسارة عندما كان إبراهيم في المئة من عمره وسارة في التسعين (تكوين 17:17 و21:5). وبما أن سارة كانت تصغره بعشر سنوات (تكوين 17:17)، فهذا يعني أنها كانت في سن اليأس. حملها اعتُبر معجزة إلهية، لكن لا يمكن تجاهل أن إسحاق وُلد بعد صدمة اجتماعية وعائلية في بيت إبراهيم، فقبل ولادته بثلاثة عشر عامًا وُلد إسماعيل من الجارية هاجر، وكان عمر إبراهيم آنذاك 86 عامًا (تكوين 16:16).
### طفولة إسحاق: بيت منقسم
نشأ إسحاق في بيت يسكنه ظل أخيه غير الشقيق إسماعيل، الذي طُرد لاحقًا بأمر من سارة وموافقة من إبراهيم (تكوين 21:10-14). هذه الواقعة تركت إسحاق وحيدًا في بيت والديه، نشأ مميزًا، وربما مدللًا، لكنه داخل بيت انقسمت فيه الأسرة بسبب تفضيل زوجة وغيرة أم، وتحكم إرادة الأبوين تحت ستار "الاختيار الإلهي".
### حادثة الذبح: اختبار أم صدمة؟
في عمر غير محدد بدقة – لكن كثيرًا من المفسرين اليهود يقدرونه بين 13 و37 عامًا – طلب الله من إبراهيم أن يقدم إسحاق محرقة (تكوين 22). النص لم يذكر ذبحًا صريحًا، بل تقديمه كـ"محرقة". لم يُشاور إبراهيم ابنه، وعندما سأله: "أين الخروف؟"، أجابه: "الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني". لكن في لحظة التنفيذ، تدخل الملاك، ومنع الذبح، وأُبدل الكبش بإسحاق. هذه الحادثة رسخت صورة إسحاق كضحية صامتة لا شريك ناضج.
### زواجه: رفقة التي اختيرت له
توفيت سارة وعمر إسحاق 37 عامًا، لأن سارة ماتت في سن 127 (تكوين 23:1)، وإسحاق وُلد وهي في التسعين. وبعد ثلاث سنوات تقريبًا، في سن الأربعين، تزوج إسحاق من رفقة (تكوين 25:20)، حفيدة أخي أبيه. لم يخترها، بل أرسل أبوه وكيله لاختيارها. كانت فتاة جميلة، نشطة، لكنها لاحقًا ستصبح عنصر النزاع بين ولديها.
### الأبوة: توأمان، وصراع مبكر
رزق إسحاق ورفقة بولدين توأمين: عيسو ويعقوب، وكان إسحاق في عمر الستين (تكوين 25:26). أحب إسحاق عيسو لأنه صياد، أما رفقة فأحبت يعقوب لأنه هادئ و"جالس في الخيام". هذا التمييز بين الأبناء زرع بذور الكراهية، وبلغ ذروته حين خططت رفقة لخديعة إسحاق لأجل أن يمنح البركة ليعقوب بدلًا من عيسو.
### الشيخوخة: ضحية الخديعة
عند شيخوخته، وكان قد تجاوز المئة وربما قارب 130 عامًا، أصبح إسحاق كفيفًا. رغِب أن يبارك ابنه عيسو، لكن رفقة ويعقوب خدعاه، فانتحل يعقوب شخصية عيسو. ورغم انكشاف الخديعة، لم يستطع إسحاق أن يسترجع البركة، مما يُظهر تناقضًا صارخًا في مفهوم البركة.
### النهاية: لقاء الأبناء ودفنه
توفي إسحاق عن عمر 180 سنة (تكوين 35:28)، ودُفن في مغارة المكفيلة على يد ابنيه عيسو ويعقوب، في مشهد تصالحي نادر.
### تسلسل الأعمار:
* عمر إبراهيم عند ولادة إسماعيل: 86 سنة
* عمر إبراهيم عند ولادة إسحاق: 100 سنة
* عمر سارة عند ولادة إسحاق: 90 سنة
* عمر سارة عند وفاتها: 127 سنة (إسحاق عمره 37 سنة)
* عمر إسحاق عند زواجه: 40 سنة
* عمره عند ولادة عيسو ويعقوب: 60 سنة
* عمره عند وفاته: 180 سنة
---
### خاتمة
إسحاق لم يكن نبيًا بقدر ما كان حلقة بين عظَمة إبراهيم وصراع يعقوب. وُصف بأنه بار، لكنه لم يكن قوي القرار، بل خُدع، وسار وراء من أحبوه أو خافهم. إن قصته تسلط الضوء على بيت مشحون بالتفرقة، وعلى بركة تُمنح لا عن جدارة، بل عن طريق الخديعة والتفضيل. هذا كله يجعلنا نرى الفارق بين سرد التوراة المشحون بالصراعات والتمييز، وسرد القرآن الذي تجاهل كل تلك الخلافات، ووصف إسحاق نبيًا مباركًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بكم