فرار موسى من العدالة: الرحلة من القتل إلى النبوة
في لحظةٍ مفصلية، يتبدل كل شيء:
الأمير الذي تربى في قصر فرعون، وشرب من ماء مصر، وأكل من مائدة الملوك،
يقف على مفترق هوية…
فيرى مصريًا يضرب عبريًا، فيغضب، فيقتل، ثم يدفن الجثة في الرمل.
> **«فقتل المصري وطمره في الرمل… فخاف موسى وقال: حقًا قد عُرف الأمر»** (خروج 2:12–14)
لم يكن هناك قضاء، ولا محاكمة، ولا وحي إلهي يبرر الفعل.
كان الأمر ببساطة: **قتلٌ، ثم هروب.**
---
## ⚖️ هل كان موسى فارًا من العدالة؟
في المفهوم القانوني الصريح: نعم.
* موسى **ارتكب جريمة قتل عمد**، دون تكليف، دون دفاع مشروع.
* حاول **إخفاء الجريمة**، لا الإعلان عنها.
* ثم **هرب من وجه فرعون** لأنه «طلب أن يقتله» (خروج 2:15).
ورغم كل ذلك، لم يُقدَّم إلينا موسى كقاتل تائب فقط،
بل كنبي لاحقًا، ووسيط عهد، ومُشرّع إلهي!
---
## 🗺️ إلى أين فرّ؟ وما دلالة المكان؟
> «فسكن في أرض مديان، وجلس عند بئر» (خروج 2:15)
### 📍 مديان:
* منطقة تقع **شرق سيناء، على الضفة الشرقية لخليج العقبة** (اليوم في السعودية، قرب تبوك).
* يسكنها نسل "مديان" بن إبراهيم، أي **أقرباء العبرانيين من سلالة قطورة**.
* ليست تحت سلطان فرعون، ولا تخضع لقانون مصر.
### 📌 المغزى:
* لم يكن الفرار فقط هروبًا من العقوبة…
بل **خروجًا من الهوية القديمة، ومن بيت العدو، ومن كل ما ورثه موسى من مصر.**
* في مديان يبدأ التحول:
* يلتقي ببنات "كاهن مديان" (شعيب)
* يتزوج
* يعيش حياة الرعاة لا حياة القصور
---
## 🔥 بداية الطريق الحقيقي
لم يكن موسى نبيًا بعد، ولا حتى يعرف اسم الله،
لكنه كان في الطريق إليه.
في أرض مديان، بعيدًا عن السياسة والسلطة والعنف،
في العُزلة والصحراء، وبين غرباء يشبهون نسله البعيد،
تُولد داخله النبوة… حتى **يظهر له الله في عليقة نار لا تحترق**.
---
الخلاصه
> موسى لم يخرج ليُنفّذ رسالة… بل فرّ من جريمة.
> لم يكن نبيًا بعد، بل شابًا ضائعًا…
> قتل من ربّوه، ودافع عن من لم يعرفوه.
> وكان عليه أن يبتعد عن كل شيء،
> ليبدأ من الصفر… في أرض اسمها **مديان**،
> في برية لا تخضع لفرعون…
> وهناك فقط، **تكلّم الله.**
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
مرحبا بكم