الجمعة، 4 يوليو 2025

شفرة وفوعة... وهل يُخدع فرعون مصر بكذبة نسائية؟

 



 شفرة وفوعة... وهل يُخدع فرعون مصر بكذبة نسائية؟


**قراءة نقدية لسفر الخروج 1:15–19**


في سردية سفر الخروج، يُقدَّم فرعون مصر بوصفه رمزًا للطغيان، ملكًا يخاف من تكاثر بني إسرائيل، ويأمر بقتل أطفالهم الذكور. لكن وسط هذه الصورة "المخيفة"، يفاجئنا النص بمشهدٍ عجيب:

**ملك مصر يتحدث مرتين إلى قابلتين عبريتين… ويُخدع منهما بكذبة بسيطة!**


---


### 🔹 القصة كما وردت في النص:


* **فرعون يخاطب شفرة وفوعة**، قابلتي العبرانيات، ويأمرهما بقتل كل مولود ذكر عند الولادة.

* **القابلتان تخالفان الأمر** خوفًا من الله، ويستحييان الأولاد.

* **فرعون يستدعيهما ثانية** ويسألهما: لماذا خالفتما أمري؟

* فتجيبان: "النساء العبرانيات قويات، يلدن قبل أن تأتيهن القابلة."


وهكذا، بحسب النص، يكتفي فرعون بالكذب، ولا يعاقب القابلتين، بل تنتهي القصة بأن الله باركهما!


---


### ❓ أين المشكلة؟


المشكلة تكمن في **اللامنطق**، و**عدم تناسب الحدث مع شخصية فرعون كما صوّرها النص نفسه لاحقًا**:


---


### 🔻 أولاً: هل يخاطب فرعون قابلتين مرتين بنفسه؟


فرعون في سفر الخروج:


* يُمثل سلطة مركزية مطلقة.

* لاحقًا يخاطب موسى بكل تكبّر وتهديد.

* يُصدر قرارات إبادة جماعية.


فكيف:


* يكلّم بنفسه قابلة وعاملة بسيطة مرتين؟

* لا يُرسل إليهما ضباطًا أو أوامر تنفيذية؟

* لا يتخذ أي إجراء عقابي بعد مخالفة الأمر صراحة؟


🎯 **النتيجة**: يظهر فرعون هنا بشكل غير واقعي… أشبه بـ"رجل ساذج" يتلاعب به عاملتان بسيطتان.


---


### 🔻 ثانيًا: الكذبة ضعيفة سرديًا


* تقول القابلتان: "العبرانيات قويات يلدن بسرعة قبل أن نصل."

* لكن هذا يثير سؤالًا فوريًا:

  **إذا كانت النساء لا يحتجن لقابلة، فكيف عُيّنتما كقابلتين أصلًا؟**

* وما وظيفة القابلة إذا كانت تصل دومًا بعد الولادة؟


🎯 الكذبة لا تصمد حتى في إطار الرواية.


---


### 🔻 ثالثًا: صمت فرعون = ضعف رمزي


في كل مواضع سفر الخروج الأخرى، نرى فرعون:


* يتحدى موسى.

* يقاوم الضربات الإلهية.

* يُصدر أوامر قاسية.


أما هنا:


* يُخدع بسهولة.

* لا يسأل أسئلة إضافية.

* ولا يُعاقب، ولا يرد.


وهذا يُنتج صورة متناقضة:

**ملك يُرهب الملايين… لكنه يُخدع من امرأتين بكلمة؟**


---


### 🔻 رابعًا: القصة ربما كانت "مستقلة" وأُدرجت لاحقًا


بعض النقاد والباحثين يفترضون أن:


* هذه القصة كانت **حكاية شعبية مستقلة** عن نساء خائفات من الله، قاومن الشر.

* أُدرجت لاحقًا في النص التوراتي، لكنها **لم تُدمج بسلاسة** في البناء السردي لسفر الخروج.


وهذا يفسر:


* عدم تكرار ذكر شفرة وفوعة لاحقًا.

* أسلوب الحكاية المبسط وسط سرد سياسي أكثر تعقيدًا.


---


### ✍️ خلاصة:


> يُظهر النص أن قابلتين عبريتين خدعتا ملك مصر بكذبة لا تصمد منطقيًا.

> لا نجد هنا جبروت فرعون، بل نراه **منهارًا أمام كذبة "يلدن قبل أن نصل".**

> فهل هذه قصة رمزية عن الإيمان؟ أم نقطة ضعف سردي؟

> وهل قُدمت للوعظ الأخلاقي على حساب منطق التاريخ؟


> في كل الأحوال، هذه الفقرة تكشف عن هشاشة البناء الدرامي في مطلع سفر الخروج، وتدفعنا لقراءة أكثر وعيًا وفحصًا لما وراء النص.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم