الجمعة، 4 يوليو 2025

حين يعيد الملك الحق لأهله: قراءة مغايرة لبداية سفر الخروج

 



حين يعيد الملك الحق لأهله: قراءة مغايرة لبداية سفر الخروج


في سردية سفر الخروج، يظهر الفرعون الجديد كغاشمٍ فجّ، لا يعرف يوسف، ويبدأ فورًا في إذلال بني إسرائيل وتسخيرهم وقتل أبنائهم. لكن هذه الرواية، كما تُقدَّم، تحمل **نظرة أحادية منحازة تمامًا لبني إسرائيل**، وتتجاهل ما فعله يوسف نفسه بالشعب المصري في زمن المجاعة.


لنعد خطوة إلى الوراء، إلى سفر التكوين.


---


### 🔹 يوسف... بطل المجاعة أم مهندس الاستعباد؟


في تكوين 47، حين اجتاحت المجاعة أرض مصر، لم يوزّع يوسف الحنطة مجانًا، بل:


* باعها أولًا مقابل المال.

* ثم أخذ المواشي حين نفد المال.

* ثم الأرض.

* وأخيرًا، **جعل الشعب نفسه عبيدًا لفرعون**.


بل صرّح المصريون بلسانهم:


> **"اشترنا أنت وأرضنا... لنكن نحن وأرضنا عبيدًا لفرعون"** (تك 47:19)


وبموجب خطة يوسف:


* أصبحت **أراضي مصر كلها ملكًا لفرعون**.

* صار المصريون يدفعون **خُمس المحصول كضريبة دائمة**.


لم يكن هذا مجرد "تدبير اقتصادي"، بل كان **تحولًا جذريًا في البنية الاجتماعية لمصر**، حيث تلاشت ملكية الفرد، وسادت سلطة الدولة المركزية – أي الملك.


---


### 🔹 وفي المقابل... بنو يعقوب في نعيم


* استوطن بنو إسرائيل أرض جاسان، من أخصب الأراضي.

* لم يُطلب منهم بيع أراضيهم.

* لم يُفرض عليهم الخُمس، ولا دخلوا في دورة الاستعباد التي فُرضت على المصريين.


> لقد تمتّع اليعقوبيون (بنو يعقوب) بامتيازات طبقية **على حساب المصريين أنفسهم**.


---


### 🔹 فإذا جاء ملك مصري... أليس من حقه أن يُعيد التوازن؟


الفرعون الجديد الذي قام على مصر، والذي "لم يعرف يوسف"، **ربما لم يكن غافلًا عن يوسف**، بل كان يدرك تمامًا إرثه، لكنّه **رفضه**.


* وربما كان ملكًا وطنيًا من أبناء مصر، جاء بعد حكم الهكسوس أو أعوانهم.

* وربما رأى أن هذا الامتياز الممنوح للغرباء غير عادل.

* وربما أراد أن **يعيد الحقوق إلى أهلها**.


> وهكذا، لا يكون اضطهاد بني إسرائيل مجرد ظلم فجّ، بل **رد فعل سياسي واجتماعي لتصحيح وضع غير متوازن**.


---


### 🔹 بنو إسرائيل ليسوا عالقين… بل يعرفون طريق العودة


الرواية التوراتية نفسها تعترف:


* أن يعقوب طلب أن يُدفن في أرض كنعان.

* وأن يوسف أوصى بحمل عظامه عند الخروج.

* وأن أرض كنعان كانت دائمًا "أرض الميعاد".


بالتالي:


> بنو إسرائيل لم يكونوا أصحاب أرض مصر، بل **ضيوفٌ في أرضٍ ليست لهم**، ويعرفون طريق الخروج إن أرادوا.


---


### ✍️ خلاصة:


> الفرعون الذي "لم يعرف يوسف" ليس بالضرورة غاشمًا، بل ربما كان **ملكًا عادلًا في ميزان وطنه**.

> يوسف لم يكن فقط رجل رؤى ومواهب، بل كان أيضًا **أداة لخلق طبقة من العبيد وطبقة من المميَّزين**.

>

> وبينما انشغل النص التوراتي بتبرير الخروج، نسي أن يسأل:

> **هل كان الخروج هروبًا من ظلم؟ أم تحررًا من فقدان امتياز غير مشروع؟**



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بكم