الجمعة، 3 مايو 2024

قصة أديب لطه حسين عرض للقصه ونقد مسلسل أديب

 لعل هذا الكتاب معبرا تعبيراً صادقاً عن معني الوفاء.

وفاء طه حسين لصديق جعله مجهولاً عن قصد عنده واهدي له الكتاب

وصديق آخر كان هو محور القصة.

إلا أنه مجهولاً أيضاً. 

ولكننا ندرك أنهما ليسا نفس الشخص.

لان الاهداء ذكر أن الشخصية المجهولة الأولي

كانت أول المهنئين بعودة الدكتور طه للجامعه عام 1930 وهذا لا يستقيم مع سرد حياة صاحبنا محور الكتاب .

 

كان صاحبنا -يشير دكتور طه لبطل القصة بصاحبنا ولا يسميه - دميم الشكل. عالي الصوت ذكيا محبوباً.

فيصفه طه حسين فيقول إنه كان أحب الناس الي قلبه

عرفه عام 1908 في بداية دخوله الجامعه.

وكان صاحبنا يذهب لمنزل طه حسين في الجمالية ويصحبه معه الي منزله في القلعه ثم يعود به.

يصف لنا طه حسين أحوال احياء القاهرة في ذلك الوقت كما يصف لنا أحوال قريته. 

يقضيان الليل في الغرفة الحرام..غرفة الكتب.

ويعرف طه أن صاحبنا يسكن غير بعيد عنه وأنه من قرية قريبة  من مدينته  وأنه يعرفه ويعرف كل أسرته.

يقول طه

الغريب أنه كان يتحدث فيثير في نفسي مثل ما يثير في نفسه من الذكري.ثم يتحدث عني وعما أحب فكانما اتحدث عن نفسي

الحقيقة أن الكتاب مليء بعبارات مثل العبارة السابقة التي تدل علي رقة طه حسين ووفاؤه ورقة صاحبنا أيضا.

يذكر صاحبنا صاحبه بعزيزة وأختها أمينة ويقول له إني لاخشي أن تكون فاجر النفس ماجن القلب .مسرفا فيما تتيح لضميرك من حرية.

فإنك مفتون لأنهما تتحدثان بلهجة أهل القاهرة فكلاهما من العنصر الممتاز الذي لا ينطق الجيم كما ننطقها ولا يحول القاف إلي جيم غليظة وانما يحيلاها الي همزة رقيقة خفيفة

محدثا إياه أنه يؤثر خديجة وعالية علي عزيزة وأمينة

لانه - صاحبنا -  يحب الحسن الطبيعي..

 

تعاهد الصديقين علي أن يعلم طه صاحبنا المنطق والفقه وأصوله الدين.ويعلمه صاحبنا الفرنسية.

وهكذا يقضيان الليل حتي الفجر في حوارات طويلة متشعبه ومتكررة

مرت ثلاث سنوات جامعية ولم يتقدما الا في الأحاديث الطويلة..التي وحدت شغفهما بالسفر لاوربا طلبا للعلم.

 

تحقق امل صاحبنا ونجح في امتحان البعثة الي باريس

وقبل سفره يعود لقريته لوداع والديه.

وهنا ينقلنا لصراع كبير ومتعدد يكاد أن يكون من أهم اجزاء الكتاب.

كان صاحبنا لا يحب السفر ولا يحب الوداع.واصفا جزع أمه وسخط أباه ثم يعود الينا شارحاً الحال داخل منزله مفصلا للأحداث. مقارنا بين القاهرة وباريس بالنسبة لوالديه في مقارنات لا تخلو من طرافه في عصرنا هذا. فيخرج صاحبنا من منزله بالقرية بسبب ضيق صدره بما يحدث في المنزل.

يصف لنا الفتيات الفقيرات الحسان المبتذلات بحكم الفقر يبحثن عن ما يسقط من الثمار .

وفي طريقه الي القناة لم يجد القناة...فراعه ذلك فقد ماتت القناة..ماتت القناة وكم تألم صاحبنا علي ردم القناة...اين القناة..؟!

لقد ماتت القناة وهدم معمل السكر..يا للحزن والاسي واللوعة والحسرة

ايبلغ العنف بالزمان أن يمحو هذا المقدار الضخم من حياة الناس في أعوام قصار.لقد جد جيل وجيل في إقامة معمل السكر وعاش جيل وجيل بهذا المعمل ولهذا المعمل

فكل هذا الجهد والعناء والحياة والذكريات علي شاطئ القناة و حول المعمل من حب وبغض من امل ويأس من خداع وإخلاص قد ذهب .

الحقيقة أن صاحبنا تألم كثيرا من أجل القناة والمعمل وباقي المعالم.

ولكن غياب صاحبنا عن المنزل جاء لتسوية الأمر فيقول..

حين بلغت الدار فرأيت الشيخان - الاب والام - راضيين يظهران السخط . مسرورين يتكلفان الحزن .مبتهجين يتصنعان الاكتئاب وتحدثنا حديثا قوامه الرضا بما كان والسخط والامل علي ما سيكون.

إلا أن صاحبنا يستطرد مرة أخري فيما حدث للمنازل .وعزيزة وأمينة وغيرهم....

إلا أن طه حسين تلقي الخطاب بشئ من السخرية.

 

ينتقل بنا صاحبنا لمنطقة أخري قبل سفره

فيطرح علي طه السؤال التالي

أيهما أهون أن يحتمل الظلم أم الكذب ؟

ويذهب بنا هذا السؤال لجانب مظلم من القصة ونعلم أن صاحبنا الموظف ابن العمدة متزوج من حميدة...

 


حميدة الخلق والخلق بضم الخاء

وان البعثة لا تجوز للمتزوجين.

فهل يطلق زوجته ظلما ام يكذب علي الجامعه ؟

ويقول صاحبنا

إني اري هذا الكذب مباحاً وما أكثر ما ابيح لنفسي اشياء تحرمونها أنتم علي أنفسكم . ويحرمها عليكم الدين وما تواضعتم عليه من الأخلاق..

أنا اكره الكذب ليس لأنه إثما وانما أكرهه لما سافعله بعد الكذب من اثام.

لذلك اري ان الظلم أهون..

لاني احب الوفاء وإذا سافرت لاوربا فلن أكون وفيا لزوجتي..

وهنا تظهر علي طه أنه ازهري النفس والقلب والعقل عندما يحدث صاحبنا عن المعصية

فيسخر منه صاحبنا ويخجل طه..

إلا أن صاحبنا يناقش مسألة أخري ...وهي 

أيهما خير ؟ 

 أن يعرف الإنسان مكانه من القوة والضعف وان يقع في بعض الإثم طالما أنه لا بد منه لأنه يلامس مناطق الضعف فيه ام يخدع الإنسان نفسه فيضيف إليها  الخير وليست بخيرة 

ويحملها ما تطيق وما لا تطيق .ويقترف من الآثام مايستطبع أن بتجنبه.. فالاثم عندي شجرة لا بد من تؤتي ثمرها إذا صادفت من الخصب ما يمكنها من النمو والاثمار.والندم عندي آية من آيات الكرم والسمو واني لابغض النفوس المجدبة التي لا تعرف الما ولا ندما.والتي تموت فيها أشجار الآثام 

فإن طه يري أن يقع الرجل في الخطيئة إن لم يكن له بد من الوقوع  فيها علي غير قصد منه ولا ترتيب

وهكذا تدور مناقشة حادة بين صاحبنا وطه...

 

كتب صاحبنا لوالده خطاب يوصيه فيه علي طليقته واهلها ..كما كتب خطاب لزوجته أعطاه لطه ولم يبعثه إليها.

الخطاب يصف زوجة باكيه صامته راضية ..تصيب القارئ بالحزن عند تخيلها ..وهي التي ارتضيت  دمامة صاحبنا .

لست ظالما فحسب ايها الصديق ولكني كافر النعمة منكر الجميل. فلم تكن حميدة زوجي فحسب ولكنها كانت منعمة علي منقذة لي رضيت بي بعد أن نبذني غيرها ومنحتني ودها وحبها بعد أن أعلن غيرها اني لست أهلا لود ولا حب.

فقد رفضتني ابنة عمي -فهيمه-  لدمامتي.


 

 

يصل صاحبنا الي فرنسا ويقول إن الحياة في مصر هي الحياة في أعماق الهرم وان الحياة في باريس هي الحياة بعد أن تخرج من هذه الاعماق الضيقة الخانقة. بعيش صاحبنا في باريس فيسقط ويمرض وينجح ويسقط وينجح فهو تائه ..نادم..مجد..باحث ..ولكنه كطفل هبط الي بحر بدون خبرة العوم ليستكشف المياه العميقة بما فيها من عرائسه ووحوشه ومجهوله فيعب من ماؤه عبا فيغريه البحر قبل ابتلاعه ..ويصاب بالجنون...

تاركا حقيبة لطه هي ثمرة فكره

حيث يقول طه أن الأوراق تحوي أدب رائع حزين صريح.لا عهد للغتنا بمثله فيما يكتب ادباؤها المحدثون.

تنتهي القصة

في الحقيقة تصيبك القصة بالحزن علي حميدة الدامعة في صمت.. ثم علي صاحبنا ونهايته الحزينة وهو السوي تارة الماجن تارة..ويصيب القارئ الفضول كما أصابني لمعرفة اسمه فلا تعرف...

واذا تتبعت الأحداث فإن الجامعة قد افتتحت في 21-12-1908

 وقضي صاحبنا مع طه ثلاث سنوات جامعية اي 2009-2010-2011 معني ذلك أن السفر إلي مرسيليا كان في أغسطس 2011 ربما كان ذلك..قبل أن يصل باريس بعد ذلك بأسبوع..للدراسة في السوربون 

وينقطع عن المراسلة لطه حتي اكتوبر 2012

وقد ينقضي عام 2013 أيضا حتي نصل الي بداية الحرب العالمية في 2014

فربما كان صاحبنا في بعثة عام 2011 وربما 2012

في عهد عباس حلمي الثاني الذي تولي عام 1892 حتي عزل في 1914

 وسافر الدكتور طه حسين إليه عام 1914

بعد أن حصل على الدكتوراه من مصر في نفس العام.

وتزوج 1917

 وعاد لمصر 1919

تقلد العمادة عام 1928 وعاد إليها 1930 مما يؤكد لنا أن إهداء الكتاب لشخص آخر غير صاحبنا الذي جن قبل ذلك بنحو 13 عام.

وعند البحث عن اسماء اعضاء البعثات لفرنسا في تلك الأعوام لن تجد.


الحقيقة انك خلال القصة قد تلتبس عليك الأمور لذلك قد تعيد القراءة عدة مرات لتعرف من المتحدث هل هو صاحبنا ام الدكتور طه حسين. 

وقد يلتبس عليك الأمر كثيراً في صفحات كثيرة لكثرة الاستطراد.

وربما تحس أن صاحبنا هو الوجه الآخر لطه...بغير دليل علي ذلك.. فطه محب له معجبا به مقدرا ذكاء صاحبنا الحاد وحضوره القوي وشخصيته الغامرة المسيطرة...بل أن طه يكاد حضوره يختفي بوجود صاحبنا وكأنه بشاهد معنا صاحبنا ..فيسلط عليه الضوء ويتواري هو في الظل ..يعبر صاحبنا عن ما يريده بقوة بينما طه لا يملك تلك القوة فيتواري في الظل تاركا الضوء كله للبطل الذي يمثل الإنسان بحلوه ومره بثوابه و اثامه.

والحقيقة ان صاحبنا والدكتور طه يشتركان فيما يقول الاستاذ توفيق الحكيم عن نفسه..في كتاب ايام العمر..



(القلب المؤمن - والعقل المفكر)  فنري من شطحات العقل الكثير

في شجاعة بحسد عليها فهو يعرف نفسه جيدا ..صادقا في كلامه...معترفا بنقاط ضعفه ..سعيدا بها كما هو سعيد بصفات جميلة عنده..أنه يمثل الإنسان بما به من خير وشر.

فكم منا هذا الرجل....وكم منا حزن علي مصيره رغم آثام ارتكبها..وكم منا أحب أن يراه بشحمه ولحمه ودمامته وذكائه وعبوسه ومرحه بل أحاسيسه ...

رقته حين حزن علي مقتل القناة ..وهدم المعمل والمنازل....وتغير الأحوال... إحساسه بعزوف طه عنه لمجرد لمس يديه...شعوره بوالديه..وعدم الهرب من الحرب... 

 

فما ينبغي للرجل الكريم ذي المرؤة ان يعيش بين الناس ضيفا مستمتعا بما يمنحونه من امن ولذة العقل والقلب والجسم حتي إذا ألمت لهم الخطوب فى عنهم.

وصاحبنا يلخص خبرته عن نفسه وعن الحياة فيقول

لكني تبينت بعد ذلك إن الحياة غرور كلها . فأنا رجل موكل بالجد واللهو معا.

وفي رحلتي البحث عن إجابة السؤال

من هو أديب ؟

وجدت التالي

قال الدكتور محمد الدسوقي في كتابه أيام مع طه حسين ص 104 

أن د طه حسين ذكر له أن المقصود هو الاستاذ جلال شعيب افندي

الذي سافر مبعوثا الي باريس وأصيب في عقله فتوسط له طه لدي سعد زغلول أن يعيده لمصر وكان ذلك عام 1919 لكي يموت فيها .

كما ذكر ذلك أيضا في كتابه

مع العميد في ذكراه .

أما الدليل الآخر

فقد أشار الدكتور محمد صبري السوربوني 


 

الذي كان قد سافر للحصول على الدكتوراه عام 1914 - نفس توقيت سفر د طه - وكان يعرف د طه وبشره بخبر نجاحه.

ذكر الدكتور صبري أنه عرف زميلا آخر هو جلال شعيب ويقول عنه أنه ضيع شبابه في باريس وعجل ذلك بمنيته قبل أن يظفر بأي شهادة.

الجدير بالذكر أن د صبري حصل علي الدكتوراه عام 1918 باعلي الدرجات.

والدليل الثالث 

أن الأستاذ انور الجندي سأل د طه فقال له أن بطل القصة هو جلال شعيب الذي اصيب بمرض عصبي شديد ولذلك ارجعته الجامعه عام 1919

الجدير بالذكر أن د طه حسين

ذكر أن موضوع الحقيبة من وحي خياله.

 

قام الأستاذ الدكتور حسن الشافعي

بكتابة قصدية رثاء عن جلال شعيب

وهو ابن قريته .قرية بني ماضي مركز ببا محافظة بني سويف

بينما كان د طه من محافظة المنيا.

مما يعني فرق مسافة 112 كم وليس ساعة مشيا كما تم ذكره في القصه  


عام 1981

تم عمل مسلسل من 16 حلقة عن قصة أديب

سيناريو وحوار

محمد جلال عبد القوي

الذي بذل جهد يحسد عليه.في تعميق الشخصيات.

إخراج يحيي العلمي

اغاني سيد حجاب

وقد كان اسم جلال شعيب في المسلسل

ابراهيم عبدالله.

وتختلف احداث المسلسل عن القصة

تبعا للحاجة الدرامية.

مثلا الشيخ محمد هو طه حسين يعرفان بعضهما من بداية المسلسل وليس في الجامعة. وطبعاً الشيخ محمد بصيرفي المسلسل..ولم يحب عزيزة..وفهيمة لم تحرق نفسها..وشلة الهانم وباشاوات الصالون مختلفة أيضاً.

وكان من الافضل ظهور طه حسين بشخصيته لان القصة تغطي جزء هام من حياته

يعيب المسلسل..

نور الشريف غير مناسب لطبيعة الشخصية الموصوفه بالقصه.

جو الاستديو الخانق الذي شمل جميع المشاهد حتي الخارجية منها يعلم المشاهد أنها داخل الاستوديو.

بعض الممثلين مثل صلاح السعدني ويسري مصطفى متكتفين داخل الدور ..ولم يراعي كاتب السيناريو تعميق الشخصية الخاصة بهما..

بالإضافة أن الأشعار داخل الحلقات كان من المفترض أن تكون اسهل وأوضح .

الاضاءه لا تعرف مصدرها في زمن عز فيه الضوء ليلا.

الفتيات في فرنسا اقرب للحوامل في الشهر الخامس !

في الحقيقة أن نورا في دور حميدة كانت بالفعل هي نور المسلسل والبطلة أيضا تقمص الشخصية علي أعلي مستوي.فهي حميدة كما تتوقعها وليس هناك افضل من ذلك .

ومن الأولي تسمية المسلسل حميدة.. أديب.

غناء تتر المسلسل وكلماته أداء عالي المستوى.

الجدير بالذكر وفي لقاء مع مقدم البرامج

الاستاذ أحمد سمير مع الشاعر صلاح عبد الصبور والمخرج يحي العلمي والاستاذ صالح مرسي 

وفي حوار رائع عام 1981علي مدي 22 دقيقة تم الحديث عن سبب ماحدث 

هل كان شكل صاحبنا المشوه

ام موقف ابنة عمه منه

ام الصدمه الثقافية

مما يعني فشله في الاندماج في المجتمع المصري والباريسي

ام اختلاف القيم.

طبعا لا ننسي قصة الحقيبة الغامضة وهي ميراث جلال شعيب والتي ورثها طه حسين وجلبت له الشكوك ونحن لا ندري هل الواقعة حقيقية ام هي من خيال طه حسين كما قال.

افرأ ايضا غضبك يؤذيني د طه حسين

قل شكرا د طه حسين


إمارة رأس الحكمة

 هل تتحول رأس الحكمة

الي إمارة رأس الحكمة بمرور الوقت ؟

الأحد، 31 مارس 2024

الأحد، 9 أبريل 2023

ماذا لو عاد الموتي ليوم واحد ؟What if the dead come back?

 لو عاد الموتي .

كلا منا سيتبادر لذهنه شيء ما عند سماع الفكرة

قد يتبادر لأم او اب مكلومين في ولدهما ..روعة الحدث بالنسبة لهما .

قد يفرح بعض الابناء وقد يحس البعض بالندم او الحزن او الرهبه.

ما موقف كل كذاب استغل وفاة احدهم فأكل الحقوق أو زور الاوراق .

ما موقف من قال بينما لم يقال

ماذا سيقول الزعماء لو عادوا 

ماذا سيقول الانبياء لو عادوا

ماذا سيقول الآباء لو عادوا..

ماذا سيقول كل مظلوم وكل قتيل لو عاد

ستكون دراما قوية تزلزل الكون وتغير اشياء صغيرة وكبيرة .

خصوصا اننا لا ندعي براءة الأموات فمنهم كثير لا يتمني العوده واللقاء.